يوميا لكل محامين مصر مع صباح القانون نناقش و نبحث سويا في تفسير معلومة قانونية واجب الإلمام بها، و ذلك من أجل النهوض بالمستوى العلمي و الثقافي لشباب المحامين







الجمعة، 3 أغسطس 2012

المواجهة القانونية للبلطجة



المواجهة القانونية للبلطجة
دراسة تحليلية
بقلم دكتور أحمد مهران – دكتور القانون العام و مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية و القانونية
هل مصر في حاجة إلي قوانين استثنائية لمواجهة البلطجة، أم أن القوانين الحالية قادرة على مواجهة هذه الظاهرة و حماية أمن مصر و نظامها العام؟
البلطجة ليست ظاهرة جديدة على المجتمع المصري، إذ تمتد جذورها إلي أعماق التاريخ، لكن انحصر تطورها في إختلاف اسبابها و تنوع اشكالها و ضحاياها – خاصة بعد الثورة- و ترجع اسباب ذلك عند البعض إلي إنكسار حاجز الخوف لدى المواطنين من هيبة الشرطة، لا سيما الخارجين على القانون من البلطجية، و يبدو انهم نوعان: الأول يتعامل مع الوضع الحالي على أن الظروف تغيرت و الفرصة اصبحت سانحة للإنتقام من رجال الشرطة الذين قبضوا عليهم في جرائم سابقة و قدموهم لمحاكمات رادعة قبل الثورة، و النوع الأخر يرى أنه قد آن الأوان لأن يرث المستضعفين الجبارين في الأرض، و أن كل صاحب مال أو نفوذ هو بالضرورة جبار فاسد يجب سرقته و الإستيلاء على أمواله.
إن اهمية تحديد مفهوم البلطجة لا يفيد فقط في اتخاذ التدابير القانونية و الإجرائية لمواجهة البلطجة المتزايدة في الإنتشار، و انما أيضا في تحديد أركان الجريمة بما يتفق مع مبدأ الشرعية الجنائية، و أنه لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص.
و يبدوا ظاهرا أن جريمة البلطجة تتكون من عدة عناصر، أولا سلوك إجرامي يمثل عنف أو تهديد باستخدام القوة و العنف، ثانيا أن يترتب على استخدام العنف وقوع ضرر جسيم، يشكل ترويعا للمواطنين و تعريض سلامة المجتمع و أمنه للخطر، بل يكفي مجرد إحتمال وقوع خطر يهدد أمن المواطن، ثالثا أن يمس السلوك مصلحة محمية قانونا كالحق في الحياة أو في سلامة الجسد، أو سلامة المنشأت العامة أو الخاصة.
و لكن كيف يمكن تحقيق التوازن بين حماية الأمن القومي، و احترام حقوق الإنسان، فإذا كانت القوانين الإستثنائية غالبا ما تشكل إنتهاكا لحقوق الإنسان و خرقا لمبدأ الشرعية و احترام القانون، و الذي من المؤكد أن منظمات المجتمع المدني و المراكز الحقوقية سترفضه بشدة، إذا ما أخلت القوانين الإستثنائية بتحقيق التوازن و ضرورة احترام حقوق الإنسان، و أن تقييد هذه الحقوق لا يمكن أن يكون إلا بأمر قضائي مسبب.
علما أن القوانين الإستثنائية هي تلك القوانين التي تطبق في مواجهة خطر حال يهدد كيان الدولة و مؤسساتها، لتحل القوانين الإستثنائية محل القوانين العادية بشروط أن يكون الخطر حال جسيم يهدد كيان الدولة و مؤسساتها، و أن تكون القوانين العادية غير مجدية في مواجهة الحالة، و أن يكون تطبيق القوانين الإستثنائية مؤقت ينتهي بإنتهاء الخطر لتعود القوانين العادية للعمل.
لذلك يرى الفقه الجنائي أن تحقيق التوازن بين الأمن القومي و احترام حقوق الإنسان يتطلب وجود مرونة في رد الفعل لصد أي عمل يشكل خطرا على الأمن العام و لكن في نطاق احترام حقوق الإنسان، و كذلك في أن يكون رد الفعل محددا بنصوص سابقة، و التي قد يترتب عليها تقليص لضمانات احترام حقوق الإنسان بصورة مؤقته و مشروطة، بحيث يتم تعطيل الطعن على الإجراءات القانونية الإستثنائية ليسهل التحرك السريع في مواجهة الخطر، و بحيث لا يمكن التخلي عن الضمانات الدستورية لحقوق الإنسان –أثناء مواجهة الخطر- بل يتوقف مستوى الحماية قليلا من أجل تحقيق المصلحة العامة، و هي حماية أمن الوطن.
على أن يكون ذلك كله تحت رقابة القضاء للتأكد من مدى توافر شروط تطبيق القانون الإستثنائي، و مدى التناسب بين الضرورة و رد الفعل، ذلك أن الجزاء كلما كان مقررا لضرورة و متناسبا مع الأفعال، و متصاعدا مع خطورتها كان متوافقا مع الضمانات الدستورية، و التي قد تقتضي تقليص بعض الحقوق، لمواجهة الأخطار الإستثنائية.
هل مصر في حاجة إلي قوانين استثنائية لمواجهة البلطجة، أم أن القوانين الحالية قادرة على مواجهة هذه الظاهرة و حماية أمن مصر و نظامها العام؟
الإجابة بالنفي ذلك أن نصوص قانون العقوبات قادرة على أن تردع كل من يعتدي على أمن المجتمع و سلامة المواطن، سواء كان ذلك في نصوص جرائم الإعتداء على الأشخاص، أو الإعتداء على الأموال، أو جرائم الترويع و التخويف، و المساس بالطمأنينة ( البلطجة) و المنصوص عليها في قانون العقوبات في باب جرائم الترويع و التخويف المادة 375- 375 مكرر، و التي تجرم و تعاقب على استعراض القوة و التلويح بالعنف أو التهديد دون الإخلال بأية عقوبة أشد في نص أخر، و التي تجرم و تعاقب على استخدام القوة أو العنف ضد المواطن ، أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام، كما يجرم القانون و يعاقب كل من يتعرض لتكدير أمن المواطن أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته و سلامته للخطر، و كذلك حمل الأسلحة بكافة أنواعها، أو الغازات أو المواد الضارة.
و قد تتضاعف العقوبة من الحبس إلي السجن المشدد الذي قد يصل إلي عشرون سنة للجنح و الجنايات التي تقع بناء على ارتكاب جريمة من الجرائم السابقة و قد تكون العقوبة الإعدام، إذا اقترن فعل الترويع و التخويف بإرتكاب جريمة قتل.
و من ثم فإن تحديد المشكلة ينحصر في عدم تنفيذ القانون في قوة و حزم، و ربما قد يرجع السبب في عدم تنفيذ القانون إلي تراجع جهاز الشرطة و تكاسله عن تنفيذ مهامة لفترة طويلة، و هو ما ساعد في زيادة الإنفلات الأمني و التجرؤ على ارتكاب أفعال البلطجة، كما أن مؤسسة القضاء عليها مسئولية كبيرة في تحقيق العدالة الناجزة، و حسن سير العمل، من خلال توقي الحذر عند وضع التكييف القانوني الصحيح لهذه الجرائم، و كذلك سرعة إنجاز التحقيقات و إعداد القضايا للفصل فيها، مع مراعاة استظهار الظروف المشددة للعقوبة في جرائم البلطجة، و ضرورة متابعة اجراءات تنفيذ الأحكام.
علما بأنه لا أثر للتصالح الحاصل بين المجني عليه و المتهم على سير الدعوى و توقيع العقوبة، و نناشد القضاة بتوقيع أقصى عقوبة على من تثبت ادانته بجرائم البلطجة، لما في هذه الجرائم من خطورة على أمن المواطن و سلامة المجتمع.
 ونرى أن الصراع سياسي بين النخب والطبقات التي تستطيع رغم ما نمر به من ظروف ان تحيا حياة معقولة وأن إصرار هذه الطبقات على لإشال الأخر أو تخوينه أو السخرية منه أمام أعين بقية طبقات الشعب التى تعانى النقص الشديد فى الأحتياجات الاساسية مع بداية لفقدان الامل فى التغيير وفقدان الثقة فى هذه الطبقات وأخشى أنه لو أستمر الحال على ما هو عليه أن تبدأمرحلة جديدة من الفوضى وحرب الشوارع لأن هؤلاء الذين هاجموا الأبراج مجرد مجموعة صغيرة عبرت عن يأسها فى أن تأتى حلول عن طريق سكان هذه الأبراج طالما أنهم مشغولون بالصراع على السلطة للدرجة التى تجعلهم يفضلون لإشال الأخر أو تخوينه على قيام مصر .
لذلك علينا جميعا أن نتكاتف قبل فوات الاوان – وعلى معارضى الرئيس أن يكفوا عن مهاجمته لفترة لعله يستطيع أن يبدأ العمل – وعلى أنصار الرئيس أن يكفوا عن مهاجمة وتخوين المعارضين افترة لعلهم يساعدون فى البناء بدلا من بذل الجهد من أجل إسقاط الرئيس ...
 مصر أمانة فى أعناقنا وسيحاسبنا الله عليها فأحذروا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق