يوميا لكل محامين مصر مع صباح القانون نناقش و نبحث سويا في تفسير معلومة قانونية واجب الإلمام بها، و ذلك من أجل النهوض بالمستوى العلمي و الثقافي لشباب المحامين







السبت، 21 أغسطس 2010

البلاغة في المرافعة

يكتبه : أحمد يحيى مهران


ضرورة البلاغة في إظهار الحق:

إتفق الناس من قديم الزمن على أن البلاغة صفة لازمة لمن جعل الدفاع عن حقوق الناس مهنته، و تواضعوا على وجوب أن يكون المحامي فصيح اللسان بالغ الأثر بكلامه، متلاعبا بالعقول و القلوب، و ما يزال الإجماع على لزوم توافر هذه الصفات دائما.


فالمحامي يبغي إلي الصنعة و إلي التفنن في اساليب الخطاب أحد أمرين: إما أن المترافع يرمي إلي قلب الحقائق، فلابد له من زخرف القول يموه به و يغرر، و إما الحق المجرد بغيته و مطلبه، و الحق المجرد ميسور بمجرد الطلب.


سل طلاب الحق في كل زمان و مكان ينبئوك عن الكلام و نوره الساطع و شمسه المتألقة و سلطانه القاهر خيال في خيال. حدثهم عن كنهه يخبروك بأنه جوهر نادر ثمين مستقر في أعمق الأعماق، خفي على الباحث، عصي على المستخرج، و أن وجوده -إذا هو اكتشف- وجود نسبي يقتصر في الغالب على المكتشف. فإذا ما أراد هذا أن يثبت إكتشافه للغير وجب أن يعد نفسه لحرب عوان ليس له من سلاح فيها غير بيان حسن و منطق واضح و بلاغة غالبة.


على أنه من ذا الذي يستطيع التحدث عن الحقيقة المجردة المطلقة؟ أين الحق الذي لا يمازجه باطل و أين الباطل الذي لا يمازجه حق؟ النسبية قانون متميز في كل شئ في الوجود، و ليس اسهل من تبين حكمه في عالم الحقوق.


في كل دعوى إذن مزاج من الحق هو اشبه شيء بالذهب يخالطه عناصر كثيرة متنوعه على المترافع أن يطهره منها فيخرج بالمعدن النفيس متالقا وهاجا و أنى له ذلك إلا أن يؤدي رسالته على الوجه الأكمل فيجلو ما غمض و يبسط ما تعقد و يسهل ما استعصى. و الأمر بعد ذلك و رغم ذلك، لا للقضاء وحده، بل للقضاء و القدر فرب حجة سائغة قاطعة يحويها كلام سقيم فتضيع قوتها و تخمد جذوتها، فإذا ناصرها البيان و قدمها فصيح اللسان انقلبت سحرا حلالا و لذلك فإن البلاغة هي ألزم اللزوميات للترافع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق